[b]الماص والممصوص
الزمان : 2067
المكان : طابور أمام مركز توزيع اسطوانات الهواء الشخصية للتنفس في أحد الاحياء الفقيرة في المقهورة ( القاهرة سابقا) .
( مركز توزيع اسطوانات الهواء هو مكاتب موزعة في كافة انحاء الوطن تبيع الهواء المفلتر للمواطنين باسطوانات صغيرة تحمل على الكتف وتكفي للتنفس لمدة أسبوع , وكان هذا بعد الانهيار المناخي العظيم في العالم سنة 2048 ووصول التلوث إي نسب لايمكن للانسان تحملها , في الدول المتطورة كأوربا وجدوا حلا لهذه المشكلة حيث قامت الحكومات هناك ببناء فلاتر نووية عملاقة منتشرة في المدن الكبيرة تعمل باستمرار من أجل تنقية الهوار فلا يضطر المواطنين هناك لاستعمال كمامات الهواء بالاسطوانات الذاتية الحمل كما هو الحال في بلادنا .. بالنسبة لسكان أفريقيا لم ينجو منهم أحد سوي القليل ممن يسكنون في الشمال الافريقي ).
المشهد : طابور طويل ينتظم فيه رجال ونساء يبدو عليهم الارهاق والهزال الشديد وقبل شباك التوزيع بثلاثة أميال فقط دار الحوار التالي ...
- أنا خايف تخلص أسطوانتى قبل مايصلنى الدور واترمي زي الاخوه هناك إلي مش لاقيين حد يدفنهم .
- كم باقي في اسطوانتك ؟
- اقل من خمس ساعات
- متخفش ان شاء الله توصل للشباك قبل الوقت , بس انت ليه اهملت نفسك كده , مش كان الافضل لو انك بكرت شوية ...
- يااخي الله يعلم بالحال ... ربك وحده عارف انا إزاي قدرت أجمع ثمن الاسطوانه دي ..
- لاحول ولا قوة إلا بالله ...انا مش عارف ليه حكومتنا ماتعملش زي إدارة الحكم الذاتي في الاردن ... انا سمعت انو الحكومة هناك عاملة فلاتر هوا بعداد دجتل رقمي...بدون اسطوانه ... المواطن هناك يتنفس من الكمام والعداد بيحسب وكل ثلاثة شهور يروحوا لمكتب الضرايب يدفعوا المقسوم ويصفروا العدادات تانى ... مش احسن من الوقفة دي كل اسبوع ... طب وعيالك بيتنفسوا إزاي؟
- مافيش عيال خلاص ... تلاقيهم بشموا هوا طبيعي في الجنة وبيدعولي...
- يابختك ... أنا مستنى اللحظة إلي فيها عيالي يمشوا كمان ... انا بحس إنى في الوقت الضايع ...
- ان كنت مستعجل أوي كده جيب لهم كباية ميه من النيل وخلاص , انا سمعت انو نسبة التلوث في المية صارت تقتل من الريحه بس .
- يااخى التلوث ده من أيام مبارك الاول انا سمعت ابوي بقول كده
- لالا ده بدأ في أواخر أيام إبنه جمال مبارك وصار مشكلة فعلا أيام الجزمة ده إبن جمال ... مبارك الثانى ...
- انت فاكر أيام زمان ... ايام العز ... أيام جمال والملعون أبوه ...
- إلا فاكر ... أنا فاكر مرة سكرت ألابواب بالضبة والمفتاح علشان أفتح علبة حمير معلبة سوبر مستورد وأعدنا أنا والعيال ... ياه ... ده حتى الجيران شموا الريحة ... تقول فسيخ حمير ...
- يابختك ... أنا لحقت اللحمة دي في آخر أيامها لما كانت تتباع في العلب الحمرا دي 75 غرام زي الكافيار ...
- ياأخى كل حاجة زمان كانت خيال ... نعيم ... حتى الفن فين أيام الفن الاصيل فين الكلمات الى كانت تهز الوجدان وتطرب الحجر ...
- طبعا فاكر ... انت فاكر بحبك ياحمار ... وأبوس الواوا ... ده الطرب يابابا وبس ماتقوليش أغانى دلوقت ...
- أه السيده نانسي ... وملكة الطرب هيفا ... ويييييييييييييين كنا وصرنا فين ياراجل ...
- كنا يد وحده كانت العروبة نبض في قلب كل واحد فينا ... أنا جدي أكل ضرب من الامن المركزي لما عوقوه ومات في السجن بس علشان قال كفاية ...
- هسسسسسسسسس مش عد يسمعك هو كلمة كفاية شوية ... ده جدك كان متهور ... ومش متزن .. وبيلعب بالنار ... طب مهو أنا جدي وثلاثة من العيلة ماتوا بالمطاوي عند طابور عيش .. ومقلناش كفاية ... وأدينا عايشين ...
- نعم ياخويا ... أنت بتهزر ... هي دي عيشه دي ...
- روح اشرب من النيل وخلصنى باين عليك انت مستعجل أوي ... أسكت انا في عرضك متودناش في داهية ...
- مهو ده إلي وصلنا للي أحنا فيه ...
- يالوح اصبر انت ماسمعتش البتاع الراديو امبارح ...
- فيه أيه المدعوج أبو دين أمه الراديو ... بقول أيه ...
- مؤتمر القمة العربية القادم إلي حيعملوه في تل أبيب ...
- يوووه تانى ... أنت لسه ففا.....
- ياراجل لالالا المرة دي غير عن كل مرة دي مختلفة خالص خالص... دول بقولوا أن خلاص حتكون القرارات مصيرية جدا لان الامة في منعطف خطير وبتواجه ترديات .. قصدي تحديات ... ده حتى مبارك الثانى سافر وهو زعلان أوي على التشرذم العربي ... بعدين الزعما العرب هددوا اسرائيل بشكل واضح وصريح بالنسبة لموضوع السلام ده او مش حيسافروا تل ابيب علشان المؤتمر, واسرائيل وافقت ... والله العظيم وافقت دي حتعطي سكان جاوه في اندونيسيا حكم ذاتى مشروط لو هما وقفوا المظاهرات السلمية زي ماحصل في الدول العربية من المحيط للخليج ... خليك متفائل كده ..ووو
- ياخبر إلحق في مشكلة عند الشباك ... مش يكون صاحب الشباك ابن كلب وببيع هوا مهرب زي العادة وكبسوه التموين ...
- أه الظاهر كده ... أنا مش قلت لك من الصبح روح اشرب من النيل ... أبأه سلم على العيال ....
وانفض الطابور بسرعة وسكت الشارع وذاب المارة سوي بضعة جثث على جوانب الطريق , ولافتة كبيرة عند المنعطف بها صورة لمبارك الثانى بالحجم الطبيعي يحمل بيد ية طفلا رضيعا وابتسامة الرضا تعلو محياه ...
تحت الصورة كتبت عبارة ... مبارك الثانى أمين هذه الامة يبشر الامة بقدوم جمال الثانى ....في الركن الايمن للبوستر دعاية لاسطوانة هواء بالحجم العائلي مع خدمة التوصيل للمنازل ....
[/b]
2008-05-10, 12:16
