أضواء من قلب الحصار ليلة من ليالي الحصار في غزة

أضواء من قلب الحصار ليلة من ليالي الحصار في غزة





على غير العادة....وفى أثناء الليل طريق صلاح الدين, وهو الطريق الاقليمى الذي يربط جنوب قطاع غزة بشماله,تدب فيه حركة نشطة لسيارات الأجرة,وقليل من السيارات الخاصة,وبعض الشاحنات المحملة بالمواد الأساسية والقادمة من معبر صوفا في الجنوب.الحركة أقل بكثير من السابق أي قبل حصار غزة.

الطريق من مدينة رفح جنوبا إلى مدينة غزة, مهترىء, وفي بعض الأماكن تظهر علية علامات الإهمال,وتقطعه بشكل متزايد العربات التي تجرها البهائم,محطات الوقود التي تنتشر على جانبي الطريق مغلقة بشكل تام,لعدم توفر الوقود فيها,بعض محطات الغاز القليلة ,مزدحمة بشكل غير عادى. السماء خالية من طائرات الاستطلاع ,والاغتيالات من الجو متوقفة منذ فترة قصيرة.

في قلب مدينة غزة.. المركز التجاري الأساسي, أيضا حركة غير عادية للسيارات الخاصة,وأعداد متزايدة من الناس يقفون أمام بعض فاترينات العرض, التي تبقى بها القليل من البضائع,والبعض يجلس في المقاهي القليلة,يقطع الشارع, أو يصطف لشراء المرطبات. هذه الصورة تغيب منذ فترة طويلة عن مدينة غزة,بسبب الوضع الأمني المتدهور,والحصار .

منتزه الجندي المجهول,الواقع في جنوب المدينة. وهو واحد من المنتزهات القليلة في مدينة غزة وهو أيضا المكان الذي يلتقي فيه السكان للتعبير عن آرائهم,والاحتجاج في بعض الأوقات على الحصار وغيرة.

أثناء الليل,يرتاده خليط من السكان, من كل أرجاء قطاع غزة,يتبادلون الحديث عن الحصار,وعن الاجتياح الموسع لقطاع غزة, وآخرون يتحدثون عن امتحانات التوجيهي,وإغلاق المعابر,وعن السوق السوداء ,وارتفاع الأسعار.

لا تشعر أن الناس يحقدون على أحد,هم يتناولون الموضوعات المختلفة بموضوعية,ولا يعلقون آمالا كبيرة على المجتمع الدولي,بل يعتقدون أن سكوت العالم على الحصار يعنى قبولهم له.كما يعتقدون أن الدول العربية تشارك في الحصار,ويستغربون من بعض السياسيين العرب الذين يحرصون على تطبيق الاتفاقيات الدولية ويتجاهلون أي اتفاقية دولية تعتني بصالح السكان في قطاع غزة.

فجأة ينقطع التيار الكهربائى عن المدينة,وحالا تدور المولدات الصغيرة,التى تشتغل بالغاز,والقليل منها بالبنزين ,وتحل انارة خافتة محل الانارة القوية.وبعد قليل تعلو أصوات سيارات الاسعاف المارة من جانب المنتزة متوجهة نحو مستشفى الشفاء,من خلال الجوالات تبين أن سيارات الاسعاف تنقل وجرحى إثر اجتياح للجيش الاسرائيلي لمنطقة بيت لاهيا, التي تبعد عدة كيلومترات قليلة عن مدينة غزة,الخبر ينتشر بين رواد المنتزة ,شعور بالضيق والألم,اتصالات بالجولات في كل مكان تقريبا,صوت الراديو بدأ يعلو من محطة إخبارية محلية,تقارير المراسلين تقول أن اشتباكات تدور بين المقاتلين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلى في مناطق مختلفة من الخط الأخضر أي الحدود مع إسرائيل, وأنباء عن سقوط جرحى واعتقالات في صفوف السكان

في بيت والد العريس سهرة للأصدقاء والأقارب مع فرقة موسيقية,شباب خريجي جامعات,ومعاهد متوسطة يؤدون الدبكة الشعبية,الغالبية عاطلون عن العمل,والفرص المستقبلية محدودة,حوالي 24000 خريج يتقدمون لامتحانات القبول للعمل مع مديرية التربية والتعليم هذا العام ,والعدد يزداد كل عام يسبب الخريجين الجدد,لا توجد بدائل.

من بين الحضور أطباء يعملون بنظام البطالة,ولا أحد يعرف أن كان هؤلاء الأطباء سيحصلون على عمل دائم بسبب عدم توفر أماكن عمل دائمة لهم.

إغلاق المعابر بشكل دائم يفوت الفرص على الخريجين من التخصصات المختلفة من السفر إلى الدول العربية حيث يجدون ضالتهم في العمل هناك.

أعضاء الفرقة الموسيقية الخمسة يعيشون من كوبونات الإغاثة, العمل في مجال الموسيقى لم يعد مجديا,ومنذ بدء الحصار قبل حوالي العام ,انخفضت بشكل ملحوظ حفلات الزفاف التي تؤجر فرقة موسيقية,وأصبحت تقتصر في أغلب العائلات على الإشهار.

في الطريق من غزة إلى المنطقة الجنوبية,طريق الساحل أو ما يسمى بطريق البحر... الشاطئ معتم,ولا أحد موجود في المكان على الرغم من موسم الصيف وموجة الحر. البحر ملوث بمياه المجارى التي تصب في البحر دون تنقية,رائحة غاز الأمونياك الناجمة عن مياه المجارى تعبأ الجو,وتلازم السيارات التي تستعمل هذا الطريق,والبعوض ينتظر بلسعاته المؤلمة المستجمين.

في البحر تلوح أضواء خافتة يقال إنها الزوارق الحربية الإسرائيلية,تراقب ساحل غزة الذي يصل طوله حوالي 40 كلم,وهى تطلق النار أحيانا باتجاه الشاطئ, مما يلغى إمكانية الاستمتاع بالبحر أثناء الليل.